[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يواصل
المؤرخ الإسرائيلي مايكل أورين إزاحة الستار عن أسرار كانت حبيسة الأدراج
في كتابه الذي يتعرض فيه لحرب67 عبر وثائق أتيح له الاطلاع
عليها في الأرشيف الوطني الإسرائيلي بعد انتهاء فترة الحظر
ومدتها30 عاما, وكذلك وثائق الأرشيف القومي في
الولايات المتحدة وبريطانيا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اضافة إلي لقاءات أجراها مع شخصيات بارزة كان لها دور مؤثر في مجريات
الحرب. يسجل المؤلف رؤيته الشخصية وانطباعاته لما بين يديه من
معلومات عن حقيقة الموقف الإسرائيلي تجاه الرئيس جمال عبدالناصر والرغبة
الدفينة للقضاء عليه كونه الخطر المحدق بأحلام إسرائيل.
لذلك لم يكن هناك خيار آخر سوي إعلان الحرب والسعي اليها لتحقيق الهدف
بشأن عبدالناصر وامتصاص الغضب الإسرائيلي الداخلي أمام عجز السياسة
الاقتصادية عن مواجهة حالة الكساد وزيادة معدلات البطالة.
يجيب المؤلف علي اسئلة كثيرة كانت بلا إجابات لفترة طويلة تتعلق بموقف
الولايات المتحدة الأمريكية من حرب67, وما كان يحدث وقتها في
البيت الأبيض لإحداث ضغوط علي عبدالناصر للحيلولة دون اتخاذ بادرة الهجوم
علي إسرائيل.
يكشف المؤرخ الإسرائيلي مايكل أورين الذي يعمل سفيرا لإسرائيل في واشنطن
حاليا ـ كيف ان الأحداث المتلاحقة أثبتت زيف مبدأ الأرض مقابل
السلام, وأن هذا المبدأ قام علي أساس آمال أمريكية وليس علي
حقائق دامغة.
ويرصد مواقف بطولية قام بها الجنود المصريون في حرب67 حققوا
فيها انتصارات قوية لولا تدخل سلاح الطيران الإسرائيلي الذي غير نتيجة
المعركة.
هؤلاء المؤرخون كتبوا ان إسرائيل أرادت قيام الحرب, وهيأت لها
الظروف لسنوات وكانت تنتظر المبرر, وقالوا ان إسرائيل لم تكن قد
فشلت في منع الحرب, بل إنها سعت إليها, وان مبادرة
الحرب قد دفعت إليها أسباب داخلية, فقادة الدولة كانوا مهتمين
بصرف أنظار شعبهم عن فشل السياسة الاقتصادية, بعد كساد وبطالة
في منتصف الستينات, عقب عشرين سنة تقريبا من النمو الاقتصادي
السريع.
وكتب المؤرخ الاقتصادي مايكل شاليف أن أرقام البطالة قد تضاعفت ابتداء من
خريف عام1966 واتفق استاذا العلوم السياسية ياكوف
بيليد, وإيجال ليفي, علي أن تصاعد الأحداث التي بدأت
عام1964, قد أظهرت سلوكيات إسرائيل في هذه السنوات,
تعكس استراتيجية محددة, لتعويض تراجع الدولة عن وعودها في تحقيق
مبادئها الاجتماعية.
ويضيف المؤرخ الإسرائيلي آفي شاليم سببا آخر فقال: ان المتشددين
في إسرائيل كانوا يرون ان عبد الناصر هو أخطر عدو لهم وهو نفس ما كان بن
جوريون قد عبر عنه, من خوفه من أن يصبح عبد الناصر مثل أتاتورك
في تركيا, وينجح في توحيد الدول العربية ولذلك كان القضاء
عليه, هدفا ملحا لدي قادة إسرائيل.
هؤلاء المؤرخون الجدد اعتمدوا علي نفس الوقائع التي استند إليها أورين
والتي بينت ان الموقف الداخلي المتدني جعل إسرائيل تشعر بأنها قد تكون
مهددة بكارثة وهو موقف كانت تتوالي عليه تراكمات تقود إلي الحرب.
أمريكا كانت تعرف
قبل الحرب بأسابيع
لقد بدأ العد التنازلي لساعة الحرب ويقول المؤلف: في فترة
الأسابيع التي سبقت حرب يونيو, كانت التحركات علي الجانبين
الإسرائيلي والأمريكي لافتة للنظر وتحمل الكثير من المؤشرات علي النية
المبيتة للعدوان.
ففي26 مايو سافر أبا إيبان وزير الخارجية إلي واشنطن,
للتأكد من الموقف الذي ستتخذه ادارة الرئيس جونسون, لو نشبت
الحرب ولدي وصوله تلقي برقية سرية من ليفي اشكول رئيس الوزراء,
يوجهه لإبلاغ جونسون ان إسرائيل علمت ان مصر تخطط لهجوم عليها.
وحين التقي الاثنان في البيت الأبيض قال جونسون: لايوجد دليل
علي هجوم مصري وشيك ومع ذلك طلب جونسون من السفير المصري, أن
يبرق إلي القاهرة محذرا الرئيس عبد الناصر من مهاجمة إسرائيل,
وان الولايات المتحدة سوف تحمله مسئولية وقوع هذا الهجوم.
يقول المؤلف: ان روبرت ماكنمارا وزير الدفاع تنبأ قبل الحرب
بأسبوعين, بأن الضربة العسكرية الإسرائيلية, سوف تلحق
الهزيمة بالجيوش العربية في خلال أسبوع واحد وهو بالضبط ماحدث.
وفي منتصف مايو أي قبل أسابيع من نشوب الحرب, اقترح هارولد
سوندرز المختص بالشرق الأوسط في البيت الأبيض وجوب السماح الإسرائيلي
بهزيمة أعدائها.
كما ان تقديرات المخابرات الأمريكية اتفقت علي ان إسرائيل ستحرز نصرا
سريعا, بصرف النظر عن الجانب الذي سيبدأ الهجوم وتنبأت وكالة
المخابرات المركزية بأن الجيش الإسرائيلي سيحقق نصرا في فترة
أسبوعين, أما لو بادرت إسرائيل بالهجوم فسيتحقق لها ذلك في
أسبوع واحد.
المؤلف يدعو للتنصل
من مبدأ الأرض مقابل السلام
لقد ظهر الخلاف في تفسير الأحداث التي قادت إلي حرب67, بين
معالجة أوروبية في كتابه, وبين تناول المؤرخين الجدد لنفس
الموضوع.
وعلي سبيل المثال ـ نجد ان كتاب ولادة إسرائيل للمؤرخ سيمحا
فلابان, وكتاب1948 ومابعدها للمؤرخ بينما
موريس, وغيرها تنسف ما اسموه الخرافة التي أحاطت بانشاء إسرائيل
في السنوات العشر الأولي من وجودها وهو التعبير الذي نقله عنهم أورين في
كتابه حيث قالوا: ان إسرائيل اتهمت في حرب48,
باستئصال آلاف الفلسطينيين, تطبيقا للمبدأ الصهيوني ـ
الترحيل.
ويبرز التوجه الرئيسي للمؤلف في تعمده ألا يذكر سوي القليل عن السياسات
الإسرائيلية منذ حرب67,, لو أنها علي حد زعمه لم تكن تريد
الحرب, لأنه لو خاض في هذه السياسات لوجد ما يناقض وجهة
نظره, في وقائع مازال العالم يعيشها وحتي يومنا هذا في
سنة2010, وكلها تقوض فرص السلام كلما لاحت.
وبدلا من ذلك فهو ركز بدرجة أكبر علي معارك الأيام الستة, وخصص
فصلا لكل يوم منها, بل أكثر من ذلك فهو يكشف صراحة عن تبنيه نفس
موقف الرافضين للسلام.
ويقول: ان الأحداث أثبتت زيف مبدأ الأرض مقابل السلام وان هذا
المبدأ قام علي أساس آمال أمريكية, وليس علي الحقائق في الشرق
الأوسط, وان الأمر يحتاج إلي ان يحل محل هذا المبدأ,
موقف أكثر واقعية!
في حين أن مبدأ الأرض مقابل السلام, هو الأساس الذي تأسست عليه
عملية السلام في مؤتمر مدريد عام1991, بوساطة
أمريكية, وبالتزام إسرائيلي بها ومعني نقض هذا
المبدأ, هدم عملية السلام من أساسها.
جنود مصريون هزموا وحدات
إسرائيلية في67 لولا تدخل الطيران
لقد أوقع المؤلف مايكل أورين نفسه في مطب حرج, فالحقائق الواردة
في الوثائق السرية التي اعتمد عليها, تنطق بحقيقة ماجري لكنه
راح يفسرها ويحللها بما يضفي عليها ملامح تغير من صورتها, وهو
نفس أسلوب الحكومة الإسرائيلية التي يمثلها أورين الآن في
واشنطن, بالتلاعب بالالفاظ ولي عنق الحقائق.
فحين تتحدث اسرائيل عن رغبتها في السلام, فهي تسعي بتصرفاتها
لنسفه, وحين تعلن قبول حل الدولتين, فإنها تطرح شروطا
تنزع عن الدولة الفلسطينية أي شروط تجعل منها دولة بالفعل,
وتتكلم عن المفاوضات, ثم تستبقها باجراءات علي الأرض,
تجعل المفاوضات تمشي في طريق مسدود.
حتي ان أورين عندما تعرض لوصف ماجري في أرض المعركة, فقد تهرب
من وصف مايدين إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية, وحقوق
الانسان, ومنها القتل العمد للاسري المصريين في هذه
الحرب.
ولم يشر للمعارك التي خاضها جنود مصريون بشراسة وبطولة, وهو
ماسبق ان اعترف به الكاتب الإسرائيلي روبرت جاكسون في كتابه قصة القوات
الجوية الإسرائيلية الصادر عام1970 ويعترف في ثنايا كتابه
الدعائي, بدخول جنود مصريين في معارك مع وحدات اسرائيلية
مهاجمة, وكان المصريون ينتصرون في هذه المعارك, لولا
مجيء الطيران الإسرائيلي ليغير نتيجة المعركة لأنه لم يكن هناك غطاء جوي
مصري, بعد ان دمرت إسرائيل الطيران علي الأرض في الساعات الأولي
للحرب.
ولهذا جاء اعتراف جنرالات اسرائيليين بأنهم لم يصدقوا أنهم احرزوا هذا
النصر وبهذه السرعة, لأن الخلل لم يكن في نقص قدرات عسكرية لدي
المقاتلين المصريين, وتفوق خارق لدي الإسرائيليين بل انه ناتج
عن اعداد إسرائيلي طويل وعبر سنوات لخطط هذه الحرب والتدريب عليها
باستمرار, وتهيئة الظروف السياسية التي تدفع إليها,
بينما لم تكن لدي الجانب المصري خطة هجوم, أو استعدادات لمواجهة
مثل هذا الاعتداء الإسرائيلي لو أنه وقع فضلا عن أن الوضع السياسي الداخلي
لم يكن ليساند عملا عسكريا فعليا يتصل بموضوع هذا الكتاب جانب قد يكون
منفصلا عنه زمنيا, فقد دعي المؤلف أورين لندوة في الولايات
المتحدة, يتحدث فيها عن كتابه وسوف أحرص علي نقل
كلماته, لما تعكسه من وجهات نظر تتصل بالوضع الحالي,
فقد قال: اعتقد أن المشكلات التي أسهمت في اشعال
حرب67, مازالت متبقية, فهناك نزاعات حول
المياه, وحول بحيرة طبرية, وحول مضيق
تيران, وكانت هناك مشكلات حول الأراضي, وهي التي
أشعلت حربا رئيسية, تركت آثارا عميقة علي المنطقة بل وتجاوزت
حدود المنطقة, علي امتداد أكثر من ثلاثة عقود, لأن
المنطقة بأكملها في67, كانت تحتويها ما أسميه إطارا للنزاع
بمعني أن النزاع يجري علي عدة مستويات مختلفة.
ففي ذلك الوقت كانت تدور الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد
السوفيتي ـ وهناك الصراعات المريرة بين الحكام العرب, وفوق ذلك
كله النزاع العربي ـ الإسرائيلي وهو النزاع الرئيسي, ولذلك فحين
يكون هناك إطار للنزاع, فتكفي شرارة صغيرة لإشعاله لنقل مثلا
نزاع علي مصادر المياه, أو نزاع علي مضايق تيران,
وبهذا يمكن لهذا النزاع ان يشعل حربا رئيسية.